جارى تحميل الموقع
29 الجمعة , مارس, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة
قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ
27 سبتمبر 2020
About

للاستماع إلى الموضوع

 
 
هناك العديد من المقولات والأمثال التي نرددها، دون أن نبحث عن حقيقتها، وأسباب انتشارها، لنعرف فيما بعد أننا كنا نردد مقولات خاطئة بُنيت في الأساس من أجل تشويه شخصيات تستحق منا كل التقدير، ومن بين هذه الجمل التي نرددها "حكم قراقوش" للتعبير عن الحكم الظالم، فقد تعرض بهاء الدين قراقوش الذي عاش في القرن السادس الهجري، وقضى ما يزيد على الثلاثين عاماً في خدمة صلاح الدين الأيوبي، للافتراء وتشويه شخصيته الحقيقية عن طريق إلصاق بعض الروايات والأحكام الغير منطقية إليه في كتاب " الفاشوش في أحكام قراقوش" لأبن مماتي والغريب أن الشخصية الحقيقية طمست ونسيت وحل محلها الشخصية المزيفة.
                                                                  قراقوش                                                                                                                ابن مماتي
من هو بهاء الدين قراقوش؟
فتى رومي أبيض ولد في بلاد آسيا- الاناضول- جيء به من أسواق النخاسة وقراقوش كلمة تركية الأصل تتألف من مقطعين، وهما قره قوش ومعناهما ”النسر الأسود "وبالعربية العُقاب، ألحق بمماليك أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين وقتما كان يعمل في خدمة السلطان عماد الدين زنكي بالشام ، أسلم على يد سيِّده أسد الدين ، وأصبح اسمه أبو سعيد بهاء الدين بن عبد الله، وسبب تسميته بابن عبد الله يرجع للعادات والأعراف الاجتماعية في ذلك الوقت ، والتي كانت تسمى كل من لا يعرف له أباً مسلماً بابن عبد الله، كما أن لقبه الأسدي نسبة الى سيّده أسد الدين شيركوه الذي أعتقه بعد ذلك.
 

كان من أخلص أعوان صلاح الدين وأقربهم إليه، فبعدما استقل صلاح الدين بشؤون مصر عيّنه كبيراً لشؤون القصر الفاطمي لكونه مصدر إزعاج له لما يضمه من حاشية للفاطميين، وقد استطاع قراقوش إدارة القصر بحنكة وتحفظ على أفراد البيت الفاطمي، ونقل كنوز الفاطميين من قصورهم، كما تخلص من آلاف الكتب التي كانت تدعو إلى المذهب الشيعي الإسماعيلي، وبعد ان استقرت الأمور في مصر قام قراقوش بمجموعة من المشاريع العمرانية، منها بناء قلعة الجبل وإعادة بناء سور القاهرة الذي بٌني في العصر الفاطمي فحوله من الطوب اللَّبِن الى الحجارة.

                                                        صلاح الدين الأيوبي                                                                                                     عماد الدين ذنكي

حصار الصليبيين لعكا

بعد نجاح قراقوش في استقرار الأمور في مصر أوكل  اليه صلاح الدين مدينة عكا لتعميرها وتسويرها لصد هجمات الصليبيين وتدبير أمورها وذلك عقب استقرار الأمور في مصر  وما كاد ينتهي من إعادة تعمير عكا، حتى واجه ما لم يكن في الحسبان فقد حاصر الصليبيون عكا وكان وقتها صلاح الدين وجيشه مشغولاً بمحاربتهم في مكان آخر بالشام، وذاق قراقوش ومن معه مرارة الحصار داخل أسوار عكا، وتحملوا أقصى ما يمكن أن يتحملوه من جهد ونصب، ونفدت أثناء الحصار الأطعمة، ووجدوا صعوبة شديدة حتى في الحصول على الماء للشرب، وتفشت الأوبئة بين المحاصرين، حتى تمكن منهم الصليبيون، فاقتحموا أسوار عكا، وأسروا من فيها بما فيهم قراقوش، وبقي في الأسر حتى افتدى صلاح الدين كل الأسرى بعد ذلك.
                                                             حصار عكا                                                                                                                    مدينة عكا 
 
وفاء قراقوش لصلاح الدين
وبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي ظل قراقوش وفيّا لأبناء صلاح الدين إلى أن استتب الأمر في مصر للعادل أخو صلاح الدين فكان قائداً مظفراً جندياً أميناً، ومهندساً حربياً منقطع النظير مما أثار حفيظة بعض الاشخاص.
 
أراء المؤرخين حول أسباب تشويه صورة قراقوش:
وعن سبب إلصاق الأقاويل الزائفة عن قراقوش فقد أرجع بعض المؤرخين ذلك إلى ضغينة "ابن مماتي" لقراقوش، فقد كان ابن مماتي أحد الكتاب البارعين والموظفين في ديوان صلاح الدين وكان يرى أنه أفضل من قراقوش في إدارة شئون البلاد وأنه الأجدر بهذه المكانة التي وصل اليها قراقوش لدى صلاح الدين، لكونه من أصل مصري بينما قراقوش من أصل تركي، ومما ساعد على انتشار الأقاويل  الغير حقيقة عن قراقوش ، صرامته وقدرته على تحجيم أعوان الفاطميين الباقين في مصر، فضلا عن اتصافه بالشدة والصرامة في تعامله مع الشعراء والأدباء وهم يمثلون رجال الإعلام في ذلك الوقت فكان تشويه سيرته جزاء عدم إحسانه التعامل معهم، وكان ابن مماتي واحداً منهم.

للمزيد من الموضوعات "اضغط هنا"