جارى تحميل الموقع
5 الأحد , مايو, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة
الدستور المصري
1 أبريل 2023
About

للاستماع إلى الموضوع

 


يخطئ من يظن أن مصر دولة حديثة العهد بالدساتير والأنظمة الدستورية. فمصر أول دولة موحده قبل أكثر من خمسة آلاف سنة، وكانت سباقة في تطبيق النظم الإدارية والتشريعية، واليوم نتحدث سويا عن ملحمة جديدة من ملاحم الشعب المصري وهي"الدستور" فالشعب المصري يتمتع بحضارة عريقة جعلته من الشعوب ذات السوابق في وضع الدساتير. وقبل ذي بدء يجب علينا أن نعرف الدستور؛ فهو مجموعة من القواعد التي تحدد شـكل الدولـة ونظام الحكم فيها (ملكي أم جمهوري)، وشـكل الحكومـة (رئاسـية أم برلمانية)، وتبين السلطات العامة التي تباشر بها الدولة وظائفها واختصاص كل منها وعلاقتها ببعضها، فقد أرغم الشعب الوالي العثماني والمماليك على وضع أول وثيقة مكتوبه في تاريخ مصر الحديث تنظم بعض مظاهر العلاقة بين الحاكم والمحكومين، وقد أصر المصريون على توثيق هذه الوثيقة في صورة حجة شرعية موقعه من أصحاب السلطة والسلطان في مصر وهم "الباشا وشيخ البلد مراد بيك وإبراهيم بيك"، واعتبر بعض المؤرخين هذه الوثيقة بمثابة (ماجنا كارتا) مصرية، تشبيها لها بالثورة الإنجليزية التي قام بها النبلاء سنة 1215م ضد الملك جون.

الدستور المصري

وفي أثناء فترة حكم محمد علي باشا وأسرته شهدت مصر تشريع قوانين ولوائح جديدة تنظم إدارة البلاد، وبنى محمد علي فوق أخر ما أنجزته الحملة الفرنسية، فقد أنشاء نابليون ما يشبه المجالس النيابية وكان يطلق عليها الدواوين، ومنها الديوان العمومي، والديوان الخصوصي وغيرها...  فصار محمد علي على الدرب وشكل مجلسا للحكومة عرف بـ "الديوان العالي" يشبه مجلس الشيوخ حاليا ومقره القلعة وكان يتداول مع أعضائه في الشؤون المتعلقة بالحكومة قبل الشروع في تنفيذها، وعرف هذا الديوان فيما بعد بـ "ديوان الخديوي".

وفي 1825 م صدرت اللائحة الأساسية للديوان العالي وحددت اختصاصاته ومنها مناقشة ما يقترحه محمد علي فيما يتعلق بسياسته الداخلية كما تضمنت مواعيد انعقاده وأسلوب العمل فيه، وكانت سلطة المجلس استشارية، وكان يتألف من نظار الدواوين ورؤساء المصالح، واثنين من العلماء يختارهما شيخ الأزهر، واثنين من التجار يختارهما كبير التجار واثنين من ذوي المعرفة بالحسابات وكان يضم المجلس أيضا ممثلين عن كل مديرية يكونا من الأعيان ينتخبون من قبل الأهالي وعين لرئاسة هذا المجلس «عبده شكري باشا» أحد خريجي البعثة العلمية الأولى الذي تلقى علم الإدارة والحقوق في فرنسا.

وفي تلك الآونة بدأ الحديث عن الدستور، وكان رفاعة الطهطاوي هو أول من تحدث عن الدستور في مصر وذلك نظرا لدراسة قام بها كانت مبنيه على الدستور الفرنسي، وفي يوليو 1837 أصدر محمد علي القانون الأساسي " السياستنامة" كأول وثيقة دستورية مكتوبة عرفتها مصر في العصر الحديث، تكونت من مقدمة وثلاث فصول، ابقت على نظام الحكم المطلق، وانعدام الفصل بين السلطات وبموجب " السياستنامة" انشئ مجلسين: الأول المجلس الخصوصي ووظيفته: سن القوانين و الثاني المجلس العمومي ومهمته: بحث ما تحيله إليه الحكومة من أمور.

عهد الخديوي إسماعيل:

كان إسماعيل يختلف عما سبقوه من حكام أسرة محمد علي، وأكثر مضيا نحو إقرار دستور لمصر، وكان بعيد النظر فحاول أن يوسع دائرة حكمه بإشراك طبقة ملاك الأراضي في الحكم، ففي عام 1866 م أقر الخديوي إسماعيل لائحة لتأسيس مجلس شورى النواب، الذي مثل السلطة التشريعية وقتها، ليكون بذلك أول نص منظم لمجلس نيابي تمثيلي في مصر الحديثة. رافق ظهور هذا المجلس كسلطة تشريعية، ظهور نظام مجلس الوزراء، أو ما سمى وقتها مجلس النظار، ووقتها ألف نوبار باشا أول وزارة في مصر 1878.

واستمرت الحياة النيابية في مصر في الفترة من 1869م إلى 1874، سائرة على استحياء متأثرة بالسلطات الضعيفة للمجلس النيابي وبالنزعة الاستبدادية للخديوي، وبإحجام الحكومة عن إشراك المجلس في الشؤون المالية وفي منتصف عام 1876م حدث تغيرا واضحا في سلوك الخديوي إسماعيل تجاه المجلس النيابي، وذلك باعتراف ضمنيا بحق المجلس في إدارة شئون البلاد، كما بدأت الحكومة في استشارة المجلس قبل فرض ضرائب جديدة.

ونظرا للأزمة المالية التي تعرضت لها مصر أواخر عصر الخديوي إسماعيل حيث كانت البلاد على وشك إعلان الإفلاس، لولا تدخل نخبه من الزعماء السياسيين والاعيان والوجهاء والنواب والتجار وضباط الجيش الذين اجتمعت إدارتهم على انقاذ البلاد من كارثة الإفلاس وأصدروا ما عرف وقتها باللائحة الوطنية، التي تضمنت العديد من الشروط  التي تتعلق بتحديد مهام المجلس النيابي وإرغام الحكومة على المساءلة أمام المجلس و المطالبة بالإصلاح الدستوري، وتحت الضغط الشعبي والنواب، قبل الخديوي هذه اللائحة وكلف محمد شريف باشا بتشكيل الوزارة، وكان خطاب التكليف مختلفا عما سبقه حيث جاء فيه "سيكون أول مهام النظارة سن قوانين تكون على نمط القوانين المماثلة والمعمول بها في أوروبا مع مراعاة عادات الشعب وحاجاته ......"، وبالفعل جاء الدستور الجديد الذي تمت الموافقة عليه في سنة 1879م .

ويعد محمد شريف باشا هو بحق مؤسس النظام الدستوري في مصر والذي يلقب حاليا بأبو الدستور المصري.فهو أول من وضع دستورا مبنيا على المبادئ النيابية العصرية وهو المشروع الذي بنى عليه دستور 1882م، وبمقتضى هذا الدستور أصبح التشريع من حق النواب فلا يصدر قانون إلا بموافقتهم، وتكون دستور 1879 من 49 مادة، وهو لا يعتبر دستور من الوجهة القانونية فهو دستور بمعنى الكلمة، فقد كان ينقصه خطوة واحده، وهى تصديق الخديوي عليه، وعرضه على مجلس النواب ليقره، وكان المجلس بمثابة جمعية تأسيسية أصدرت هذا الدستور. وذلك نظرا لتآمر إسطنبول ولندن وباريس واصدر السلطان العثماني فرمان بعزل إسماعيل وتعيين توفيق.

دستور 1882:

يضعنا التاريخ أمام حقيقة بالغة الأهمية فبعد تولي الخديوي توفيق الحكم عام 1879، كانت بعض التعديلات الدستورية بحاجة لموافقة قنصلي انجلترا وفرنسا لكي يضمنا عدم المساس بمصالحهما ويظهر ذلك أن الدستور المصري قد يصبح في بعض الأحيان شأنا دوليا ولم يدم الحال طويلا ليطاح بالدستور الأول من قبل الخديوي الجديد توفيق، لكن مع اشتعال الثورة العرابية، والتفاف المصريين حول الزعيم أحمد عرابي، أجبرت القوى الوطنية توفيق على إصدار دستور 1882، ليحل محل دستور 1879، حيث كان المطلب الثاني لأحمد عرابي وهو يواجه الخديوي "تأليف مجلس نواب على النسق الأوروبي" وحينذاك عمت البلاد صورة أحمد عرابي جالسا وقد وقف إلى جواره علي فهمي يمسك ورقة مطوية مكتوب عليها "الدستور".

ويعد دستور 1882 بمثابة شهادة ميلاد للثورة العرابية، ومحاولة متواضعة لتطبيق نظام ديمقراطي في ظل ولاية عثمانية يمثلها أحد أفراد أسرة محمد علي باشا، إلا أنه أكد تبعية مصر للدولة العثمانية، ويرى خبراء الدساتير أنه أول محاولة جادة لتطبيق نظام دستوري حقيقي في مصر، واشتمل دستور 1882 على عدد من النصوص الحاكمة والتي حددت مهام مجلس النواب، والحكومة، ودور أعضائه وعلاقتهم بالملك، كما نص على أن يكون أعضاء المجلس بالانتخاب. إلا أنه كان دستورا قاصر، حيث أنه لم يتطرق لقضية الحريات.

دستور 1923:

كل التجارب الدستورية السابقة تعد قاصرة إذا ما قورنت مع ما حدث في أبريل عام 1919، حيث بدأت مصر طريقها نحو أول دستور نظامي لها، وضعه الشعب فلم يكن هبة من الحاكم، أو مجرد ديكور تجميلي لمرحلة تاريخية، فكان أكثر الصيغ الدستورية من حيث التطور، حيث شارك في كتابته لجان ممثلة لغالبية طوائف الشعب المصري، فبعد الاحتلال الإنجليزي أصدرت السلطات الإنجليزية عدة قرارات منها إيقاف العمل بالدستور واستبداله بما عرف لاحقا بالقانون الأساسي، وحل الجيش ومجلس النواب وتشكيل مجالس صورية بدلا منه، وذلك لإحكام سيطرتها التامة على البلاد.

وتبلورت مطالب الحركة الوطنية في مطلبين أولا الدستور ثانيا الجلاء، ولم يتخل الشعب المصري في تلك الفترة عن نضاله من أجل الاستقلال وتحقيق الديمقراطية، فقامت العديد من الحركات الوطنية باحتجاجات واسعة ضد قوات الاحتلال وظهرت زعامات شعبية أمثال مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول، وكتبت الحركة الوطنية بيانها الشهير الذي جاء فيه: "لقد جاهد الشعب المصري من نصف قرن مضى في سبيل الدستور الذي هو حقه المقدس حتى ناله.. وإذا ببضعة أشخاص هم أعضاء الوزارة الحالية يطعنون الأمة في صميم حريتها فعطلوا الدستور والبرلمان وقضوا على الحريات". مما قاد في النهاية لاندلاع ثورة 1919، وخلال تلك الفترة نشأت أحزاب سياسية بدأت تؤثر في مسيرة الحركة الوطنية مثل الحزب الوطني والأحرار والدستوري والنبلاء والأمة..  وصدر تصريح 28 فبراير 1922، والذي أعلن فيه انتهاء الحماية البريطانية والاعتراف بمصر دولة ذات سيادة، الأمر الذي مهد لصدور (دستور 1923).

وشكلت لجنة لوضع الدستور من 30 عضوا، اعترض عليهم سعد زغلول في البداية ووصفهم «بلجنة الأشقياء» وإن كان حزبه قد اكتسح الانتخابات بعد ذلك، وكان هدف اللجنة إقرار دستور يضمن السيادة الشعبية، وللمرة الأولى توسع هذا الدستور في تحجيم سلطات الحاكم، وأصبح سعد زغلول أول رئيس حكومة مصرية منتخبة بإرادة الشعب.

لجنة الدستور سنة 1923

لجنة الدستور سنة 1923

أمر ملكي رقم 43

دستور 1930

نتيجة لما ظهر من محاسن دستور1923وضلوعه في النظام البرلماني الذي كان يقوم على مراقبة البرلمان للحكومة وتقييد سلطاتها ضمانا لحقوق الشعب، قام الملك وأحزاب الأقلية بانتهاك دستور 1923، وبلغ ذلك مداه عام 1930 عندما كلف فؤاد الأول ملك مصر إسماعيل صدقي بتشكيل حكومة من الأحرار الدستوريين رغم حصول الوفد على الأغلبية الساحقة في البرلمان، وانتهى الأمر بإلغاء دستور 1923 وحل البرلمان وإعلان دستور جديد، وهو المعروف بدستور 1930 أو دستور صدقي باشا، فكان دستورا ظالما بعد أن ذاقت مصر معنى الدساتير الحقيقية حتى وإن لم توضع تلك الدساتير بطريقة ديمقراطية، وسحب العديد من الاختصاصات من مجلس النواب، وأهدر الصفة النيابية لمجلس الشيوخ، ورفع نسبة الأعضاء المعينين فيه إلى ما فوق الأغلبية، وقلص من حق المواطن المصري في اختيار ممثليه مباشرة، فجعل الانتخاب على درجتين، واشترط في ناخبي الدرجة الثانية نصابا ماليا، مهدرا بذلك مبدأ المساواة بين المواطنين.

أمر ملكي رقم 70 لسنة 1930

وتمسكت الأمة بالعودة لدستور 1923، واتفق حزبا الوفد والأحرار الدستوريين على عدم الاعتراف بدستور 1930 ومقاطعة الانتخابات التي تجري في ظله، واشتد الاحتجاج على المستويين الشعبي والسياسي، ومرة أخرى يبرز الدستور المصري كقضية ذات شأن دولي عندما صرح وزير الخارجية البريطانية السير صمويل هور بأن بريطانيا لا تحبذ العودة للعمل بدستور 1923 فأثار التصريح غضب الشعب وخرجت المظاهرات للشوارع وسقط برصاص البوليس أول شهيد في الدفاع عن الدستور وهو إسماعيل محمد الخالع في 13 نوفمبر 1935، وتجددت المظاهرات الطلابية وسقط الشهيد الأكثر شهرة محمد عبد الحكم الجراحي الطالب بكلية الآداب وآخرون ورهن محمد توفيق نسيم موافقته على تشكيل حكومة جديدة بإعادة العمل بدستور 1923وأرغمت تضحيات الحركة الوطنية الملك فؤاد على إصدار أمر ملكي رقم 118 في 12 ديسمبر 1935 بالعودة لدستور 1923 استجابة لإرادة الأمة.

مشروع دستور 1954:

ظل العمل بدستور 1923 إلى ان قامت ثورة يوليو 1952م وأعلنت الثورة الدستور الذي قرر وقف العمل بدستور 1923وتشكيل لجنة من خمسين عضواً لإعداد مشروع دستور جديد دائم للجمهورية حيث اهتمت الثورة بإقرار نظام سياسي جديد في البلاد، وهو المشروع الذي أسفرت عنه لجنة الخمسين المشكلة من رجال دين يهود ومسيحيين ومسلمين وفقهاء دستوريين ورجال سياسة، وأعيان وتجار ورجال فكر وأدب وعلوم وقانونيون وأشخاص من أبرز الشخصيات السياسية والثقافية والقضائية والعسكرية تحت قيادة رئيس الوزراء ''على ماهر'' وبعضوية الفقيه الدستوري ''عبد الرزاق السنهوري''مما يؤكد على العقيدة الوطنية التاريخية أن مصر للمصريين جميعا كما أن المشاعر الوطنية ليست حكرا على فصيل سياسي دون فصيل آخر وأنها فوق الجميع وفوق مصلحة أي فصيل سياسي، إلا أنه قوبل بالرفض حيث أعلن أنه لا يوافق المرحلة التي كانت تمر بها البلاد مما أثار الشك في نفوس البعض نحو الحياة الديمقراطية التي جاءت بها ثورة يوليو.

دستور 1956:

أجريت بعض التعديلات على نصوص مشروع دستور 1954، حيث زادت سلطات مؤسسة الرئاسة مما أعاق سريان بعض الحقوق والحريات العامة للأفراد إلا أنه كان له بالغ الأثر في خدمة النظام السياسي في البلاد هذا فضلا عن إنهائه لحالة عدم الاستقرار الدستوري والتزاحم السياسي بالإعلانات الدستورية المختلفة، وصدر الدستور الجديد عام 1956 والمنشور في جريدة الوقائع المصرية في 16 كانون الثاني/يناير 1956 - العدد 5.

دستور 1958:

جاء هذا الدستور نتيجة طبيعية لتغيير شكل الدولة وتكوين نظام جديد لدولة جديدة تتكون من اتحاد جمهوريتي مصر العربية وسوريا فكان ذلك الدستور ولأول مرة ينظم الحياة السياسية في مصر على أنها دولة اتحادية مع دولة عربية أخرى، وأعلن دستور الوحدة في مارس من ذلك العام، واستمر العمل به حتى 25 مارس 1964 أي بعد سقوط الوحدة بـ 3 سنوات وبضعة أشهر، عندما صدر دستور مؤقت لمصر التي بقيت تعرف رسميًا باسم "الجمهورية العربية المتحدة".

الدستور المؤقت 1964:

بقدر ما جاء هذا الدستور متواضعا لم يعبر عما تحتاجه البلاد في هذا الوقت من الاستناد إلى دستور قوي ينظم أوضاع الجمهورية إلا أنه جاء لتخطي مرحلة من الغياب الدستوري طالت منذ قيام دولة الاتحاد مع سوريا وحتى ذلك الوقت إلا أن ذلك الدستور جاء بتحديد مدة الرئاسة لتكون ست سنوات يمكن تجديدها بطريق الاستفتاء في ذلك الوقت الذي تمتعت فيه البلاد بثبات رئاسي على حساب الثبات الدستوري أو ثبات الأشخاص على حساب ثبات القاعدة.

دستور 1971:

 جاء هذا الدستور على غرار ما جاء به دستور 1923بتشكيل لجنة من ثمانين عضوا لإقرار دستور جديد شامل لجميع الموضوعات الدستورية يعبر بالبلاد لمرحلة الاستقرار الدستوري بعدما طال انتظاره إلى حد جعل البعض يطلق عليه الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية رغبة في طول استقراره و ثباته وجاء منظما لكل الإجراءات و الموضوعات الدستورية التي تهم الشعب المصري و هو أطول الدساتير المصرية عمرا و أعمقها تأثيرا في الحياة السياسية في مصر حيث استمر العمل به لمدة أربعين عاما بدأت بإقرار مبادئ دستورية متعددة من تعدد حزبي و ضمان لحقوق و حريات الأفراد و توازن سلطات الدولة و انتهت بتعاظم دور مؤسسة الرئاسة في الحكم و انحصار الدور السياسي في البلاد على بعض الأحزاب والكيانات الموالية للأنظمة الحاكمة، وصدر الدستور الدائم في 11 سبتمبر 1971 والذي تم تعديله في 30 أبريل 1980 بقرار من مجلس الشعب، في جلسته المنعقدة بتاريخ 20 أبريل 1980م والذي تم خلاله توسيع نطاق المادة الثانية من الدستور لتصبح مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.

السادات يُدلي بصوته في استفتاء تعديل الدستور 1980

السادات يُدلي بصوته في استفتاء تعديل الدستور 1980

وتم تعديل الدستور أكثر من مرة على النحو الآتي:

 عام 2005 تم تعديله لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة فيما يعرف بتعديل المادة 76، والتي جرت على إثرها أول انتخابات رئاسية في مصر، وفي عام 2007 جرى استفتاء بموجبه تم تعديل الدستور مرة أخرى، وشملت التعديلات حذف الإشارات إلى النظام الاشتراكي للدولة، ووضع الأساس الدستوري لقانون الإرهاب المادة 179.

الإعلان الدستوري عام 2011

بعد قيام ثورة 25 يناير وتنحى الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك، تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون مصر، وكلف لجنة للقيام ببعض التعديلات الدستورية، وتم عرضها لاستفتاء الشعب في 19 مارس 2011 م، وتم اقرارها بنسبة 77.8 % من بين نسبة الحضور وعددهم 22مليون مواطن ادلى بصوته في الاستفتاء، وبعد موافقة الشعب المصري في الاستفتاء، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في يوم 30 مارس 2011 إعلانا دستوريا يتكون من 63 مادة مشتملا على أغلب التعديلات التي تم اقرارها في الاستفتاء بالإضافة إلى بعض المواد الأخرى وتشكلت الجمعية التأسيسية للدستور بموجب الإعلان الدستوري، الذي تعطل على أساسه العمل بدستور 1971 بسقوط نظام مبارك.

ونص الإعلان الدستوري على أن يقوم أعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتخبين بانتخاب أعضاء جمعية تأسيسية مكونة من 100 عضو لكتابة دستور جديد في غضون ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، كما نصت على أن يبدأ العمل على صياغة دستور جديد لمصر، بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأولى في مصر بعد الثورة ويعرض مشروع الدستور خلال 15 يوما من إعداده على الشعب للاستفتاء ويعمل به من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه.

دستور 2012

بناء على الإعلان الدستوري في مارس 2012 فإن الجمعية التأسيسية هي الهيئة المنوط بها إعداد دستور جديد لجمهورية مصر العربية، وقد قام حوار وجدل عميق استمر لمدة ستة أشهر حول مشروع دستور مصر الجديد "مشروع دستور مصر 2012" بعد انتخابات الرئاسة المصرية في 2012 ، و تباينت ردود فعل الشارع المصري بين مؤيد ومعارض للمسودة النهائية لمشروع الدستور الجديد، الذي أقرته الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، حيث انتقدتها قوى المعارضة، ومن ثم تم استفتاء الشعب المصري في استفتاء عام على مرحلتين يومي 15 و 22 ديسمبر 2012 على الدستور الجديد لمصر، وفي 25 ديسمبر 2012 تم إقراره بموافقة نحو 64 % واعتراض 36 % من الذين ذهبوا للجان الاقتراع.

دستور 2014

في 30 يونيو 2013 قامت ثورة كبيرة ضد حكم الرئيس محمد مرسي، على أثرها عطل العمل بدستور 2012، وتم تشكيل لجنة من 10 خبراء قانونيين لتعديل دستور 2012. وقد أنهت لجنة العشرة عملها في 20 أغسطس 2013. وفي المرحلة الثانية أجريت تعديلات قامت بها لجنة من 50 شخصًا، أعلنت أسمائهم في 1 سبتمبر 2013. واختير عمرو موسى رئيسا للجنة الخمسين في 8 سبتمبر 2013، وتضمنت المسودة النهائية للدستور عدة أمور مستحدثة منها منع إنشاء الأحزاب على أساس ديني وقدمت المسودة النهائية للرئيس المؤقت عدلي منصور في 3 ديسمبر 2013، لتعرض على الشعب المصري للاستفتاء عليها يومي 14،15 يناير 2014، وقد شارك في الاستفتاء 38.6% من المسموح لهم بالتصويت، وأيد الدستور منهم 98.1% بينما رفضه 1.9% وذلك وفقا للجنة المنظمة للاستفتاء.

المصادر والمراجع:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • الدستور الحالة المصرية "أسئلة وإجابات في ضوء الدساتير المقارنة":عماد الفقي.
  • العهد البرلماني في مصر من الصعود إلى الانهيار (1923- 1952) :علي الدين هلال.
  • قصة الدستور المصري معارك ووثائق ونصوص:محمد حماد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمزيد من الموضوعات "اضغط هنا"