جارى تحميل الموقع
29 الإثنين , أبريل, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة
أيام عالمية واحتفالات مصرية

عيد وفاء النيل

يحتفل المصريون بعيد وفاء النيل يوم 15 أغسطس من كل عام.. فقد آمن المصريون القدماء منذ استقرارهم على ضفاف النيل بأن نهر النيل هو مصدر الحياة وتجسيداً للنظام الكوني الذي يحيون فيه وأن منابعه هى حدود الكون المعروف في عالم الأحياء وفي العالم الآخر أيضًا وكانوا يعتقدون أن حابي إله النيل... جالب السعادة، يفيض بالمياه الوفيرة كل عام لتروي أراضي مصر كلها... فهو روح النهر وقوته التي تمنح الخير للأرض.

وقد وصل قدسيتهم له إلى أن اعتبروا النيل إلهاً أطلقوا عليه «حابي أو حعبي» بمعنى "الذي يفيض بالماء" وصوروه على هيئة رجل جسمه قوى وله صدر بارز وبطن ضخمة كرمز لإخصابه يحمل خيرات الأرض من الطعام والشراب إلى جانب رموز الحياة والرخاء، وربطوا بينه وبين أساطير الخلق في عقائدهم فأمنوا بأنه كان يمثل المياه الأولى التي برزت منها الأرض المصرية في بدء الخليقة.

ولقد لاحظ المصريون فيضان النيل، واعتبروه مؤشراً لبداية العام في التقويم المصري القديم حوالي منتصف شهر أغسطس حاليًا عندما كان النهر يبدأ في الارتفاع، ويميل لونه إلى الحمرة ليبلغ ذروته في سبتمبر ثم تبدأ المياه في الإنخفاض مع نهاية فصل الخريف لتصل إلى أدنى مستوياتها في مايو من كل عام، واهتم المصريون بتسجيل ارتفاعات الفيضان من خلال العديد من مقاييس النيل المنتشرة على امتداد مجراه، واعتبروا أن ارتفاع النهر بمقدار 16 ذراعًا كان يمثل المستوى الأمثل للفيضان الذي يتم على أساسه تقدير ناتج المحاصيل والضرائب المستحقة على الأرض.

ونظراً لحاجة المصريين الدائمة لتجديد الفيضان فقد أكدت الديانة المصرية القديمة ضرورة القيام بعدد من الطقوس كل عام قبل وأثناء قدوم الفيضان أملاً في أن تهب الآلهة أرض مصر فيضانًا وفيراً دون انقطاع، وعلى الرغم من ندرة الدلائل على هذه الطقوس إلا أن أقدمها يعود لعصر الدولة الوسطى في القرن الــ 20 ق.م. وهى المعروفة "بأناشيد النيل" التي تمتدح النهر وتخبرنا عن الوفاء بقربان كبير من الماشية والطيور له عندما فاض على وجه الأرض.

وتشير الدلائل التاريخية إلى أن المصريين كانوا يقومون بإلقاء بعض الدمي من الخشب كي يفيض النهر حتى القرن الثامن عشر فيحدثنا الجبرتي أنه فى يوم الاحتفال كان الوالي ينزل من القلعة مع الأمراء في مراكب مزينة من مصر القديمة إلى مقياس النيل بالروضة ويمكث هناك حتى يفي النيل 16 ذراعًا، حيث تقام الاحتفالات ويعطي الوالي الضربة الأولى بيده بمعول من فضة في المكان المحدد الذي تعد فيه الفتحة التي سيخرج منها الماء من السد الذي يحجزها عن قناة فم الخليج ليدخلها الماء شيئًا فشيئا.ً

ثم تلقى دمية في النيل حسب الأساطير القديمة مع حفنة من النقود الذهبية والفضية في المياه المتدفقة، ويتبعها الحاضرون بإلقاء قطع النقود والأزهار وسط قرع الطبول وابتهاج الناس بقدوم النيل ووفائه في موعده.