جارى تحميل الموقع
23 الثلاثاء , أبريل, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة

 

أزياء مصر التراثية عراقة ووجاهة وشياكة

 

الملابس الشعبية :

 الزي الشعبي... يعتبر جزء لا يتجزأ من تراث البلد التي يقطن بها الشخص والذي يعكس الكثير من تاريخه وعاداته وتقاليده.. كما يعكس صورة المجتمع والحياة فيه.. ومن المعروف أنه خلال العصور تطورت الملابس تدرٌيجيٌا من البساطة إلى الأكثر تعقٌيدًا وكان كل عصر متأثرًا بالعصر السابق له ثم بعد فترة ٌيتميٌز بالطراز الخاص به، و سنتناول الآن تطور الأزياء في مصرنا الحبيبة حتى الوقت الحاضر.

 

فالحضارة المصرية تعتبر أقدم الحضارات والتي لا يمكن تجاهلها إذا ما أردنا الحديث عن تطور الأزياء حيث يعلو مستوى الحضارة المصرية في هذا المجال عما كانت عليه أوروبا حتى القرن السادس الميلادي، ويدل على هذا التحف والكنوز التي احتوتها مقابر ومعابد قدماء المصريين وما تشير إليه من مستوى الترف والتأنق الذي بلغه هؤلاء القوم، فلم يكن الزي بالنسبة لهم هو فقط غطاء للجسد وإنما تعدوا هذا إلى التحكم في اللون ونوع النسيج بما يتلاءم مع المناخ، فمن خلال زي المرأة كان يتم التعرف على بلدها من أين أتت وهل هى من أهل المحافظة أم وافدة عليها .. وقديمًا كانت تختلف الأزياء التقليدية التي ترتديها المرأة من محافظة لأخرى سواء في إسم الزي وشكله أو ألوانه أو خاماته.. وبالرغم من أن بعضها لا يزال مزدهراً كالزي البدوي والزي السيناوي .. وغيرها إلا أن البعض الآخر من الأزياء التي اشتهرت بها بعض المحافظات في طريقه إلى الاندثار مثل الزي السكندري والزي الصعيدي.

 


مراحل تطور الأزياء في مصر

لو رجعنا إلى الوراء قليلاً لبدايات القرن العشرون وحتى عصر الانفتاح لرأينا أن الأزياء الشعبية كانت متنوعة في ربوع مصر حيث كان هذا التنوع هو صاحب أكبر رسالة لتأصيل هوية الملابس لدى المصريين ومن المعروف أنه كان لكل بيئة طابع خاص وزي مختلف إلى درجة أن السيدات كانوا يتنافسن فيما بينهم في كل منطقة على الابتكار والتحديث للملابس الشعبية الخاصة بهم لكي تتواكب مع العصر، وإن استعرضنا شكل الأزياء منذ 100 سنة تقريبًا نجد أن زي المرأة المصرية كان أكثر تعقيدًا حيث كان يتكون من 3 طبقات يسموا بـ "التزييرة" الطبقة الأولى اسمها "السبلة" وهى جلابية واسعة وكمامها طويلة تلبسها فوق ملابس المنزل كي تغطيها تمامًا، والطبقة الثانية قطعة قماش من التفتا تغطي بها رأسها وأكتافها اسمها "الحبرة"، أما القطعة الثالثة والأخيرة التي أخدتها المرأة المصرية من الأتراك هي "اليشمك" وكانت تخفي به وجهها والذي تطور فيما بعد على يد بنات بحري للبرقع فوق ملايات اللف التي تبرز جمال قوامهم.

 


ولكن نجد أن بداية تطور الملابس ظهرت منذ فترة الـعشرينيات من القرن الماضي حيث تخلت المرأة عن التعقيدات في الملابس وبدأت بلبس الأزياء البسيطة.. فالعشرينات هى العقد الذي بدأت فيه الموضة الحديثة في الظهور حيث كان حلماً للخديوي إسماعيل تحويل مصر إلى قطعة من أوروبا وبالتالي انعكس ذلك على أزياء المواطنين، وعزز تلك الفكرة تأسيس محال أزياء لليهود فى مصر حيث ظهرت الجلابيب والفساتين والجوارب المُخصصة لنساء الطبقة العُليا مُرفقة بإرتداء الطرحة على رؤوسهن وكانت من الحرير لإبراز أنوثة السيدات، أما الرجال فارتدوا السترة التركية تحتها القميص الأبيض والصديري والبنطلون.

 


ومن بعد التحفظ انتقلت المرأة المصرية لمرحلة جديدة من التطور الذي اجتاح العالم بعد الحرب العالمية الثانية على يد مصممين عالميين منهم "كريستيان ديور" حيث برز الاتجاه في تصميم الأزياء يعمد إلى إبراز وإحكام "خطوط الوسط" في الفساتين وتقصير طولها وإبراز جمال المرأة والاعتماد على حشو التنانير والفساتين بـ "الشبك" أو "الجونلات" لتبقى طوال اليوم بمظهر حيوي يعتمد على الأقمشة المميزة من الساتان والدانتيل، كما استغنت السيدة المصرية عن أكمام الفساتين في بعض الأحيان.
 

وبعد ثورة 1952 ومع تغير مصر سياسياً واجتماعياً تغير شكل ملابس المرأة المصرية فلم يعد المظهر الساحر والرقة هى ما يشغل النساء التي حملت السلاح وتدربت على القتال خلال العدوان الثلاثي، كما لم تعد الأناقة والتطريز هما هدف المرأة العاملة الوحيد بعد أن اقتحمت مجال العمل فى الجهات الحكومية جنباً إلى جنب مع الرجل ومن هنا ولد البنطلون النسائي، ورغم أن ارتداء السيدة للبنطلون قوبل في البداية بالدهشة والاستنكار إلا أنه سرعان ما فرض نفسه على المجتمع وعلى أذواق السيدات حتى أصبح موضة وقاسم مشترك في ملابس النساء في النادي وعلى الشاطئ، كما ازداد انتشار الملابس العملية مثل التايير أو "الانسامبل" والذي يتكون من سترة وتنورة  ضيقة نوعاً ما وتتيح الحركة والجلوس وارتدت معه النساء البلوزات الحرير وغيرها.

 


وبحلول السبعينيات كان العالم قد بدأ ثورة على كل القيم المجتمعية المورثة في محاولة لبناء عالم جديد ونالت مصر نصيبها من هذه الثورة مع انفتاح المجتمع المصري وقتها على الثقافات والمجتمعات الأخرى وانعكس ذلك على الأزياء فكانت أكثر جرأة وتحرراً مثل الملابس القصيرة والاستخدام الوافر للألوان سواء للرجال أو السيدات و"ستايلات" الشعر المتعددة.. ويقال إنها الفترة الأسوأ للرجال في وقتها حيث ارتدوا البنطلون "الشارلستون" أو كما أطلق عليها وقتها "رجل الفيل"  والقمصان ذات الياقات الطويلة، ولاقت وقتها تلك الموضة رواجاً كبيراً بين شباب الجيل وشاباته، وواكب "الشارلستون" ظهور التنانير شديدة القصر "الميني جيب" والأكثر قصراً والتي تسمى بـــ "الميكرو جيب" أحياناً وانتشارها بدرجة كبيرة، كما قصرت أطوال الفساتين واستغنت السيدات عن الأكمام نهائياً وارتدت احيانًا السترات القصيرة فوق الملابس.

 

ومع بداية الثمانينات ظهر تيار محافظ انعكس على أزياء النساء التي تغيرت معه بشكل كبير إذ انتشر الحجاب الذي تعددت أشكاله وأبرزها "الطرحة" وظهر بالتوازي مع ذلك معارض ومحلات تجارية متخصصة في ملابس المحجبات فقط،  كما ظهرت أشكال أخرى من الملابس المحافظة مثل التنورات الطويلة و"البلوزات" الحريرية ذات سنادات الأكتاف، ولم يكن هذا الاتجاه هو السمة الوحيدة لأزياء النساء في فترة الثمانينات والتسعينات إذ انتشرت بالتوازي معه موضة أخرى عند غير المحجبات أهمها الـ "تي شيرت" والأحذية ذات الرقبة القصيرة "هاف بوت" وسراويل الجينز من نوعية "سنو واشد" التي تميزت بلونها الأبيض الثلجي.

 

ونتوقف عند القرن العشرين وزياده التطور التكنولوجي والصناعي وظهور أنواع جديدة من الأقمشة مثل الألياف الصناعية حيث كان لذلك اثر كبير على صناعة الملابس والتصميمات والابتكار فيها وبالتالي صار التطور والتغير في صيحات الموضة سريعًا وظهرت ملايين بيوت الأزياء ولم تعد الموضة كما في السابق حيث كان يستمر الطراز الواحد من الأزياء لسنوات أما الآن صارت تتغير في كل فصل من فصول السنة.

 

وفيما يلي نستعرض وصف للملابس ببعض محافظات مصر

 

"العقال" و"الثوب" المطرز في سيناء

في شمال وجنوب سيناء ـ الزي أو الثوب السيناوي المطرز ـ هو نموذج لا يزال أبناء البادية يحافظون عليه ويعتبرونه من أزيائهم التراثية القديمة ويفتخرون بإرتدائه في حياتهم اليومية والمحافل الرسمية.

فالرجل البدوي في سيناء يعتمد في ملابسه على  "الغترة، العقال، البشت،  العباءة، الجلابية، المداس".. وهذا ما يتناسب مع طبيعة المناخ حيث يميل للأبيض من الثياب في فصل الصيف لتفادي أشعة الشمس ودرجات الحرارة الملتهبة بينما لا يلجأ للأسود من الجلباب في فصل الشتاء لامتصاص الحرارة والتدفئة وتعلو "الجلابية" عباءة إما أن تكون بنية أو سمراء ويحظر على الرجال في المجتمع البدوي إرتداء اللون الأحمر على الإطلاق.

أما النساء فلها حديث آخر مع الثياب وللألوان دور لا تغفله المرأة السيناوية ويعتبر دليلها عند الرجال حيث تظهر المرأة بثوب أسود فضفاض طويل محاط بحزام مطرز يحكم منطقة الوسط ويعلو رأسها وشاح أسود أيضًا يغطي جسدها بالكامل مع وجود برقع على الوجه مزين بالحلي التي صنعت من النحاس والفضة وربما الذهب أحيانًا.

 

ونجد أن العادات والتقاليد والأعراف بالمجتمع البدوي تربطها بعض القيود التي تمنع اختلاط الرجال والنساء أو الحديث بينهما إلا في أضيق الحدود لذا تقوم الألوان بمهمة خاصة في التعريف بالحالة الاجتماعية للبدويات حيث يأتي اللون الأحمر ليزركش الثوب البدوي ويعطي إشارة بأن المرأة متزوجة، بينما يرشد اللون الأزرق بأن الفتاة عذراء ولم يسبق لها الزواج، فضلاً عن ميل الكثير من الفتيات صغار السن للون الأبيض الملائكي.

 


الحبرة والجبة والقناع أهم ملابس الأقصريات

وفي الأقصر ورغم تقدم عجلة الزمان ومع تطورات الزمن والتكنولوجيا والموضة والأزياء إلا أن السواد الأعظم من السيدات والرجال في محافظة الأقصر ما زالوا يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم المتوارثة منذ مئات السنين في الملابس، ونجد أن الزي الرسمي لمختلف السيدات في القرى والنجوع فى مشاهد يومية بزيهن الرسمي  للتأكيد على الحفاظ على الموروث الشعبي والثقافي لهن وكذلك الرجال بمختلف أنحاء المدن والقرى للمحافظة.

 

فالرجال في الأقصر يعتبر الزي الرسمي هو عبارة عن الجلباب البلدي الذي يتم تفصيله بصورة فضفاضة تناسب جسد صاحبه ويتم ارتداء ملبس خفيف أسفلها يسمى "تقشيطة" لإضفاء المزيد من المهابة والجمال على الجلباب والعمة تكسو الرأس للرجال وغالباً ما يضعون على أكتافهم قفطان يتغير حجمه، وهو مازال حتى الآن ملبس الكبار والصغار من الشباب والرجال.

 

أما سيدات المحافظة فيرتدين في كل مراحل اليوم بصورة كبيرة للغاية ملبس متوارث منذ مئات السنين يطلق عليه أسماء مختلفة منها (الحبرة والجبة والقناع) وهى مختلفة الأشكال والألوان حسب رغبة السيدة فمنها ما يكون عبارة عن جزأين باللون الأسود الأعلى بلا أكمام والأسفل بأكمام للحصول على الحشمة والوقار، ويوجد نوع آخر عبارة عن عباءة سوداء اللون فضفاضة يعلوها جزء آخر بلا أي خياطة يوضع على منطقة الكتف وينزل حتى وسط الجسد ليغطيه بالكامل.

 

من أبرز أنواع الأقمشة التي يكثر عليها الطلب السلكة والسيتيا والقولت والكشمير وهى من أفخم الأنواع ومن بعدهم تأتي الأقمشة الضعيفة الخامة واختيارات الأقمشة تأتي على حسب إمكانيات كل شخص المادية.

 


ملابس الصيادين بالإسكندرية

اشتهرت محافظة الإسكندرية قديمًا بملابس مميزة للصيادين والتي انتشرت فى الأفلام القديمة مثل فيلم ابن حميدو بالإضافة الى عدد من الأفلام المصرية القديمة التي صورت الصيادين بعروس البحر بهذه الملابس خاصة في فترة الستينيات والتي كانوا يرتدونها بالفعل أثناء فترة عملهم وهى السروال الأسود الفضفاض والقميص الأبيض والتي اشتهر بها أهل الإسكندرية قديماً.
 
وكانت تستخدم هذه الملابس كنوع من التمييز لصيادي الإسكندرية والتي كانت فضفاضة لتسهل عليهم الحركة في أعمال جمع الشباك والأعمال الشاقة التي يقومون بها على المراكب واستمرت لسنوات طويلة حتى نقلت منها السينما المصرية النماذج العديدة والشخصيات لتجسيد الصياد السكندري، ومع مرور الزمن اندثرت هذه الملابس بحكم التطور ولم يرتدي أحد من الصيادين هذه الملابس في الوقت الحالي ولكن يتم استخدامها فى السينما المصرية، ولم تكن ملابس الصيادين فقط من الملابس الشعبية بالإسكندرية فهناك الجلباب والملاية اللف كانت من ضمن عادات أهل الإسكندرية وكان يتم شراؤها من زنقة الستات بمنطقة المنشية التي لا تزال تبيعها حتى الآن.
 

وتعتبر الإكسسوارات مثل الخلخال والمناديل التي كانت تغطي الرأس من ضمن الملابس الشعبية والتراثية وهناك لوحة شهيرة تسمى "بنت بحري" والتي جسدها أحد الفنانين عندما رسمها وهى ترتدي ملاية لف ومنديل غطاء الرأس وخلخال كنموذج للفتاة بمنطقة بحري بالإسكندرية.

 


"المَلِف" و "سدرية"  و"زبون" من أزياء بدو مطروح

يحرص أبناء مطروح على ارتداء الزي البدوي المميز في جميع الأوقات وفي مختلف المناسبات الرسمية أو الشعبية بإعتباره من مظاهر الأصالة والتميز ويختلف زي بدو مطروح عن زي بدو المحافظات المصرية الأخرى وإن كان هناك بعض التشابه إلا أنه يتسم بخصوصيته إلى جانب الأناقة التي زادت مع التطور واستخدام خامات باهظة الثمن في صناعة القطع المختلفة للملابس.

 

ويرتدى البدوي "المَلِف" ويتكون من قطعتين من الصوف المطرز يدويًا بخيوط بارزة وبمهارة عالية وهو عبارة عن "سدرية" ترتدى فوق الثوب وهى صدرية بلا أكمام وبلا أزرار وسروال واسع يرتدى تحت الثوب، وتختلف ألوان المَلِف فمنه الأسود أو الأصفر وحديثًا انتشرت بعض الألوان الأخرى، وقد يضم المَلِف قطعة إضافية تسمى "زبون" وهى أيضًا مصنوعة من الصوف ومطرزة وتشبه السدرية لكن بها أكمام خاصة بفصل الشتاء.

 

أما قديمًا فكان البدوي في مطروح يرتدي على رأسه طاقية منسوجة من الصوف واستبدلت الآن بالطواقي المصنوعة من القطن وهى خاصة بكبار السن في الغالب، أو يرتدي "الشنة" وهى طاقية من الصوف لكنها حمراء اللون ويقال إنها مقتبسة من الطربوش التركي إبان الخلافة العثمانية لكنه أصغر قليلاً من الطربوش وليس به أشرطة وتكون مستوردة ويتم شراؤها من العامرية بمحافظة الإسكندرية أو من دولة ليبيا وهناك من يرتدي "صماده" وهى غترة الرأس أو الشماخ.

 

ويرتدى فوق الزى الكامل قطعة تلف الجسم بطريقة معينة تسمى "الجرد" وهى عبارة عن قطعة كبيرة من القماش مصنوعة من الصوف بيضاء اللون ولا يوجد تقدير لثمنه حيث تتوارثه الأسر لأنه لا يباع في المحلات ويصنع يدويًا وهو نوعان "الجرد الرقيق" وهو جرد خفيف صيفي و"الجرد الجريدي" وهو جرد ثقيل شتوي ويرتدى الجرد بطريقة معينة حيث يتم عقد عقدة في آخره ثم يلف الجرد على الكتف الأيسر ثم يلفه مرة أخرى من تحت إبطه الأيمن ويطلق على طريقة ارتداء الجرد مصطلح " تشميل" ويتمسك الكثير من شيوخ مطروح بإرتداء الجرد خاصة في المناسبات الرسمية والاجتماعية.