جارى تحميل الموقع
29 الجمعة , مارس, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة

سور مجرى العيون

كلما سيرت في مصر ترى أسراراً لأُناس عمروا منطقة ما فجاء التاريخ ليكشف تلك الاسرار ويتلوها علينا بآثاره المنتشرة في شتى بقاع مصر بصفة عامة والقاهرة الفاطمية بصفة خاصة، وعند تجولك بمنطقة مصر القديمة ستقع عيناك على أثر يحمل أفكار وطموحات إسلامية وتبدو عليه ملامح الصمود والثبات والعزيمة التي ورثها عن طرازه الإسلامي العتيق، كل هذا سيجعلك تقف امامه متسائلاً من انت؟، وكيف تم تصميمك على هذه الهيئة المبدعة؟، وما قصتك؟،  وها نحن نجيبك أنه السور الذي يجمعنا ولا يٌفرقنا، والذي يربط منطقة فم الخليج بمصر القديمة ومنطقة السيدة عائشة،  نهيب به أعداؤنا ولا يهيبنا، أنه سور مجري العيون أعجب المشاريع المعمارية المائية.


فلنسرد لك عزيزي القارئ قصة سور مجرى العيون ونجري بين عيونه كالماء الذي كان يجري بين ثناياته ليسقي المحروسة؛ كان هاجس إمداد القلعة بالمياه منذ بنائها ونقل مقر الحكم إليها يقَضَّ مضجع الملوك والسلاطين، فحفر صلاح الدين الأيوبي بئر لتوصيل المياه للقلعة وعٌرف باسم "بئر يوسف" نسبةً للسلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب "صلاح الدين الايوبي" مؤسس الدولة الأيوبية بمصر، ولكنه لم يكن كافيا لتلبية احتياجات القلعة من المياه.
 
وفي العصر المملوكي وجد مهندسي حكومة السلطان محمد بن قلاوون حلاً لهذه المشكلة وفكروا في تنفيذ مشروع مائي كبير لرفع ونقل المياه من منخفض نهر النيل غرب شارع فم الخليج إلى مرتفع قلعة صلاح الدين الايوبي شرق الشارع، فأنشاء المهندسون عام 1312م سوراً ضخماً من بداية فم الخليج حتى القلعة، وأربعة سواقي على ضفاف النيل في منطقة فم الخليج، كما جٌدد السور في عصر السلطان قنصوه الغوري، فأمر بإنشاء ست سواقي بالقرب من السيدة نفسية، حتي تعمل تلك السواقي على تقوية تيار المياه الني تصل إلي آبار القلعة. ولكن لم يتبق من السور سوى الجزء الممتد من فم الخليج حتى ميدان السيدة عائشة.
 
  
يتكون السور من "برج المآخذ" وهو المبنى الذي يوجد به ست سواقي لرفع المياه إلى القناة الصغيرة الموجودة أعلى السور والمحمولة على مجموعة ضخمه من القناطر (العقود المدببة) تنتهى بصب مياهها في مجموعة من الآبار الضخمة داخل القلعة لتزويد القلعة بالمياه الكافية، فكان سور مجرى العيون هو الساقي الرئيسي للمنطقة آنذاك وكلما جرت به المياه ازدهرت الحدائق المحيطة بالقلعة، وروى الناس عطشهم، ونمت الأشجار وترعرعت بالقلعة. 
 
عٌرف السور قديماً باسم " السبع سواقي" نظراً للست سواقي الموجودين ببرج المأخذ والساقية السابعة الموجودة خلف السور.