جارى تحميل الموقع
18 الخميس , أبريل, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة

حـــي بــولاق

 

«أنت تعرف بولاق أبو العلا إذن أنت تعرف القاهرة».. هذه الحقيقة يدركها غالبية سكان العاصمة المصرية وعدد كبير من الوافدين إليها. فالحي الشعبي بموقعه الجغرافي وتاريخه العريق وناسه البسطاء الكادحين على ضفة النيل شرق العاصمة، قادر على أن يصنع الحياة يوميا، ويجدد إيقاعها بعرق الحرفيين من كل الفئات، وكذلك نداءات الباعة على المقاهي وفي «وكالة البلح» أشهر سوق للملابس في القاهرة.

 

سبب التسمية:

اختلف المؤرخون حول سبب التسمية فالبعض يرجعها انها مشتقه من الكلمة الفرنسية " beau lac" وهي تعني "البحيرة الجملية" ثم تحرفت من بولاك إلى بولاق.. ولكن لا يوجد ما يؤكد هذا الحديث وذلك لأن بولاق كانت موجودة قبل الحملة الفرنسية. بينما يرى البعض الأخر أن منطقة بولاق تعود إلى غرق سفينة كبيرة في هذا الموقع، ثم مع إطماء النيل بكثرة في هذه المنطقة، بدأت الأرض تعلو، وتتكون أرض جديدة هي بولاق الآن، وكانت الجزيرة المقابلة لها – هي جزيرة الزمالك الآن – يطلق عليها اسم جزيرة بولاق ومن هنا جاء هذا الاسم. ويرى أخرون أن بولاق تعني" الميناء" وقد سمي بهذا الاسم، نظرا لإطلاله على الضفة الشرقية للنيل، حيث ذُكر في التاريخ القديم، أن عواصم مصر باستثناء الفسطاط، كانت لا تطل على النيل، وظلت بعيدة عنه، مما كان لحي بولاق موقعاً فريداً.

 

تاريخ نشأة حي بولاق:

بولاق أو بولاق أبو العلا هو حي قديم من أحياء مدينة القاهرة بالرغم أنه لم يكن في يوم من الأيام جزءا من مدينة القاهرة ، بل حتى لم يكن ضاحية لها!! ولكن هكذا تحول الواقع بين القاهرة والنيل وبولاق من أرض تغمرها مياه الفيضان إلى هذا الحي الشعبي على ضفاف شاطئ النيل، ‏وفي ‏عام‏ 1313سمح‏ ‏الملك‏ ‏الناصر‏ ‏محمد‏ ‏بن‏ ‏قلاوون‏ ‏بالبناء‏ ‏على ‏هذه ‏الأرض‏ ‏فأقام‏ ‏الناس‏ ‏البيوت‏ ‏والبساتين‏. ‏وقد لعب بولاق دوراً في الحياة الإقتصادية للقاهرة منذ القرن الخامس عشر بعدما تحولت طرق التجارة المصرية إبتداءً من عصر برسباي "1421-1438م" وإعتمادها على تجارة البحر المتوسط ، بعدما كانت تعتمد على تجارة البحر الأحمر عبر الطريق التقليدي "عيذاب- قوص- الفساط" بعد تخريب ميناء عيذاب وتدهورت الفسطاط وأصبح بولاق ميناءً بديلاً عن أثر النبي. وفي عام 1771 اتسعت أرض بولاق بفعل الطرح السابع للنهر الذي كون المنطقة المعروفة الأن برملة بولاق.

 

ميناء بولاق عام 1869:

ومع قدوم الحملة العسكرية الفرنسية إلى مصر عام 1798 اهتم الفرنسيون بميناء بولاق، حيث سعى نابليون بونابرت للوصول من خلاله إلى مدن الوجه البحري، ولتعظيم الاستفادة وتنمية المنطقة أنشأ الفرنسيون طريقا من الأزبكية إلى حي بولاق سُمى بشارع بولاق. لكن الفرنسيون قاموا بإحراق الحي في إبريل عام 1800 لإخماد ثورة سكان بولاق عليهم "طبقا لما ذكره الجبرتي"، وقاد هذه الحملة القمعية الجنرال كليبر، الذي دفع ثمن ما فعله باغتياله على يد الشاب الأزهري سليمان الحلبي.

 

وبدأ العصر الذهبي لحي بولاق بتولي محمد علي باشا فأنشأ الأسطول وتبعه بإنشاء مطابع الأميرية، ومصنع لصناعة الورق ليمد المطبعة بما تحتاجه، واستكمل الطريق الذي أنشأه الفرنسيون من الأزبكية إلى ضاحية بولاق (وهو نفسه شارع فؤاد الأول الذي تغير اسمه إلى 26 يوليو بعد ثورة 1952).

 

ميناء بولاق:

ومع تولي الخديو إسماعيل شئون البلاد ونقل مقر الحكم إلى قصر عابدين، شهدت بولاق كضاحية راقية على النيل قفازات جديدة، فأصبحت مقصدا للاستمتاع والتنزه،  وأصبح الحي منافسا للأزبكية التي كانت تمثل وسط العاصمة آنذاك ويصبح الحي جاذبا للباحثين عن سكن راق قريب من النيل.

 

ثم جاءت الطفرة عندما تم إنشاء كوبري بولاق" ابو العلا" ، الذي قام بتنفيذه المهندس الفرنسي دافيد ترامبلى، و افتتح في عهد الخديو عباس حلمي الثاني 1912، وكان هذا الكوبري معجزة هندسية يربط بين القاهرة وجزيرة الزمالك، ثم يعبر النيل ليصل إلى إمبابة على اليمين ثم العجوزة والدقي على اليسار، وتمتد فوق كوبري أبو العلا وامتداده كوبري الزمالك ، خطوط الترام لتصل إلى ميدان الكيت كات في إمبابة يميناً وإلى شارع النيل عند العجوزة يساراً.

  

معالم بولاق:

1- المساجد:

يوجد ببولاق ثلاث مساجد أثرية وهم مسجد زين الدين يحيى عام 1448م، ومسجد سنان باشا عام 1571م، ومسجد السلطان ابو العلاء عام 1485م، وفيما يتعلق بالأخير فهو أكثرهم شهرة، لأنه بسبب شهرة أبو العلاء أصبح الناس يفرقون بين بولاق هذه وبولاق الدكرور،  والأصح بولاق التكرور، وينسب مسجد ابو العلاء للشيخ الصالح حسين أبى على المكني بأبي العلاء، الوالي المعتمد صاحب الكرامات والمكاشفات على ما يصفه به الصوفيون فبالغوا في كراماته حتى أطلقوا عليه لقب "السلطان" ولم يكن سلطاناً ولا ملكاً ولكن بسبب كراماته أصبح عندهم "سلطاناً للمتصوفين".

مسجد السلطان ابو العلا

 

وفيما يتعلق بمسجد سنان باشا فهو أكبر مساجد بولاق، ويقع بشارع السنانية، وسنان باشا قائد تركي وسياسي محنك عاصر أربعة سلاطين هم سليمان القانون ابن السلطان سليم الأول، وابنه سليم، ثم مراد الثالث، وأخيرا محمد خان، وقد عين سنان باشا والياً على مصر مرتين الأولى بين عامي 1567و 1569، والثانية في يونيه 1571م حتى عام 1573م.

 

مسجد سنان باشا

 

أما أقدم مساجد بولاق فهو مسجد زين الدين يحيى بشارع الخضرا،  وصاحبه الأمير الزيني الاستادار"آي المسئول عن أموال السلطان الخاصة" بشاطئي النيل ببولاق وكان محتسباً وناظراً للاسطبل السلطاني  وقد عُرف بجامع المحكمة لاستخدامه كمحكمة منذ القرن العاشر الهجري حتى عصر محمد على.

 

 2- عمارات وفنادق بولاق:

امتدت العمارات الضخمة على طول الطريق من حديقة الأزبكية إلى كوبري أبو العلا، ومنها عمارة "الجندول"، التي أقامها الموسيقار محمد عبد الوهاب، مكان بار سان جيمس، الذي كان يجلس فيه الشاعر أحمد  شوقي، وعمارة شيكوريل التي قامت مكان "بار صولت" الحلواني، الذي كان مطعمًا ومحلاً للحلوى،  وكان "صولت" ملتقى كبار الأدباء والشعراء والمثقفين والصحفيين.

 

كما تم إنشاء سلسلة من الفنادق المتنوعة الدرجة، ومن أشهرها "كلاريدج - جلوريا -إدن- كارلتون-جراند أوتيل، كما تم إنشاء العديد من المباني العامة والعمارات الضخمة، من أشهرها، "دار القضاء العالي"، يلاصقها مبنى مصلحة الشهر العقاري، وأمام دار القضاء العالي أقيمت أحدث عمارة في الشارع عام 1938 هي عمارة لافينواز، وتتزين هذه العمارة الفنية بأعمدة الكريتال "حديد مشغول"، وتماثيل وكرانيش من الجبس، وتعلوها قباب ما زالت صامدة رغم مرور أكثر من 100 عام، هي عمر العمارة حتى الآن وخلف هذه العمارة يقع سوق التوفيقية، وهو أول سوق للأطعمة الطازجة والخضر والفاكهة، كما تجد الجمعية المصرية للعلوم السياسية، ومقر جمعية الإسعاف الملاصق لمبنى معهد الموسيقى العربية، ومعهد ليوناردو دافنشي للفنون والعمارة.

  

3- حي الصحافة:

يعتبر حي بولاق من الأحياء التي تتواجد فيها الكثير من المؤسسات الصحفية والدبلوماسية، ففيه مقر جريدة الأهرام، ومقر مؤسسة أخبار اليوم، وبجوار مبناها القديم كانت تقع جريدة المساء.

 

4- وكالة البلح:

كان البلح وجبة أساسية ومهمة ومن كثرة أهميته كان له سوق خاص بتجارته.. وكانت هي الوكالة المخصصة لبيع كل أنواع البلح وبعض أقمشة الكتان التي جاءت من صعيد مصر، ثم تحولت الوكالة بالكامل لبيع الأقمشة والملابس بعدما اشتروا التجار مخلفات الجيش البريطاني  بعد رحيله من ملابس وبطاطين وأدوات منزلية وتم بيعها بالوكالة واستمرت الوكالة بنفس الاسم إلى الأن.

 

5- ومن معالم بولاق :

سوق الحطب شرق مطبعة الأميرية، وشارع المطبعة الأهلية، وعلى يسار شارع بولاق "26 يوليو" والاسطبلات الملكية خلف جامع السلطان أبو العلا، وكذلك حي الحطابة، حيث المقر الجديد والحالي لوزارة الخارجية، ذات الملامح الفرعونية، وجنوبها تجد شارع اسطبلات الطرق ومقر مصلحة نظافة العاصمة، قبل إنشاء بلدية القاهرة، وفي جنوبها كذلك، تجد جمعية الرفق بالحيوان.


موقع حي بولاق على خرائط جوجل